كتب معن جيزاني-نيويورك مورنينغ: عاد الدكتور وليد فارس الأمين العام المساعد للمجموعة البرلمانية لمكافحة الإرهاب عبر الأطلسي من العاصمة الايطالية روما حيث شارك في مؤتمر للسياسات عقد في البرلمان الأوروبي بشان الأمن في منطقه البحر الأبيض المتوسط والجدل حول الاتفاق النووي الايراني. وخاطب فارس أعضاء البرلمان الأوروبي والوزراء ورؤساء الوزراء السابقين والسياسيين وقادة الفكر فضلا عن المسؤولين العسكريين والأمنيين من مختلف البلدان الاوروبية.
الإتفاق النووي الإيراني
وتعليقا على الجدل الدائر حول الموقف من الاتفاق النووي الايراني وما سيطرحه الرئيس دونالد ترامب في خطابه المتعلق بهذا الشأن يوم الخميس في واشنطن قال الدكتور فارس “ان المشكلة الحقيقية في الاتفاق النووي الايراني ليست متعلقة بالجزء الفني او التقني من الاتفاق، بل هو سلوك نظام طهران في المنطقة وتهديدها لأمن واستقرار جيرانها وقياسا بهذا لا يمكن اعتبار ان الصفقة كانت مثالية”. وأضاف فارس “حقيقة ان إيران تبني ترسانة عسكرية استراتيجية هائلة لا يمكن ان يتم تفسيره إلا بالسعي الايراني المتواصل لاكتساب قدرات نووية. فإيران تنتج صواريخ طويلة المدى وصواريخ مضاده للطائرات وتجدد من قدرات دباباتها وهي تنشر قواتها عمليا في أربع دول عربية. ويشير الجميع إلى ان إيران تستخدم الاتفاق مع الدول الكبرى للحصول علي الأموال اللازمة لشراء الاسلحة. من ناحية اخرى لا توجد ضمانات بان إيران لن تلغي هذا الاتفاق في التوقيت الذي يناسبها. وبالتالي فان ادارة ترامب بحاجة إلى تجميد الاتفاق الآن والضغط لتغيير السلوك الإيراني ومن ثم أعادة التفاوض علي اتفاق أكثر فعالية”.
مشرعون اوروبيون من إيطاليا وألمانيا وفرنسا دافعوا عن الاتفاق النووي وأعربوا عن معارضتهم لأي خطوة ستقدم عليها إدارة الرئيس ترامب لإلغائه. وقال بعض النواب لفارس انه “إلغاء إدارة ترامب للاتفاق النووي سيكون له نتائج كارثية” وقال عضو مجلس الشيوخ الإيطالي ان أوروبا لن تلحق بالولايات المتحدة الامريكية إذا اختارت الخروج من الاتفاق مع إيران”. وقال مسؤول العلاقات العامة في المؤتمر انه “سيتعين علي أوروبا ان تختار للاسف بين الشراكة مع إيران أو الشراكة مع الولايات المتحدة الامريكي” وأضاف ان “أعادة صياغة الاتفاقية لا يلغي مبدا الاتفاق. والأمر يتعلق بتامين ضمانات حقيقية تبرهن بان إيران لا تتسلح ولا تستخدم الأموال التي تتدفق عليها بسبب الاتفاق حتى تصبح أكثر خطورة”. أضاف انه “يتعين علي الولايات المتحدة الامريكية واوروبا ان تكونا جزء من الإئتلاف الكبير للدول العربية التي تركتها إدارة اوباما وحيدة وذهبت لتتفاوض مع إيران. واشنطن اليوم تريد المزيد من الترتيبات الامنية في المنطقة”.
وسئل فارس عن القضايا الحاسمة مثل ما يمكن ان تفعله أوروبا إذا قرر الرئيس ترامب ان يلغي الاتفاق ؟ وما هي الخطوات التالية التي ستتخذها الولايات المتحدة الامريكية وردة الفعل الايرانية المحتملة؟
أمن المتوسط
وحول الأمن الإقليمي في البحر المتوسط أكد الدكتور فارس علي أهمية وجود تحالف استراتيجي بين الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوروبية والتحالف العربي. وقال للمؤتمر ان “هناك العديد من ساحات القتال النشطة في جميع انحاء المنطقة بما في ذلك ليبيا وسوريا والعراق واليمن وكذلك علي حدود لبنان. ومن الضروري ان تلتقي واشنطن وبروكسل والعواصم العربية في استراتيجية متكاملة لهزيمة داعش والقاعدة والتهديدات الجهادية”. واوصى فارس باتباع نهج جديد للحلف الأطلسي في ليبيا ” حيث ينبغي التركيز علي دعم الجيش الليبي ضد الإرهابيين، نزع سلاح المليشيات وتامين عملية سياسية صلبة وشاملة تحت اشراف الأمم المتحدة”. وأضاف ان “الميليشيات ولا سيما الجهادية منها لا ينبغي ان تكون جزءا من ترتيب امني أو اتفاق سياسي، بينما ينبغي ان تنضم جميع القوى المدنية الى العملية السياسية”.
المشرعون الأوروبيون اتفقوا مع طروحات الدكتورفارس في الملف الليبي. أما بالنسبة لسوريا والعراق، فقال مسؤول في المجموعة ان ” التحالف يعمل جاهدا على تقليص الاراضي التي يسيطر عليها التنظيم الارهابي ولكن من المهم التأكد من ان هزيمة المجموعات الجهادية الإسلامية الحالية لن تفتح الطريق امام جهاديين او حركات جهادية اكثر تطرفا او الى زيادة عدد المليشيات الموالية لإيران في انحاء المنطقة ويعزز حضور وقوة ميليشيات اخرى كحزب الله اللبناني.
التطرف الجهادي
الاجتماعات تناولت أيضا مسالة التطرف الجهادي حيث شدد الدكتور فارس على ان “مكافحة الايديولوجيا أمر ضروري لحسم المواجهة”. وجادل قائلا ان “هزيمة المؤسسات ممكنة وممكنة ، ولكن التصدي لايديولوجيا متطرفة أمر صعب ويحتاج إلى مستوى عال من التفاهم بين الحكومات. وهنا أيضا تحتاج الحكومات الغربية إلى تنسيق وتوحيد معجمها وتجاوز الأخطاء الاكاديميه التي ارتكبت علي مدي العقدين الماضيين. كما ان الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا بحاجة إلى العمل مع التحالف العربي القادر على حشد القوى الفكرية لفضح المذاهب السلفية والمتطرفة” واستشهد فارس بالجهود المبذولة في السعودية ومصر والامارات وتونس لمكافحة التطرف والعمل الرائع للمنظمات غير الحكومية والجهات الفاعلة في المجتمع المدني في جميع انحاء المنطقة.
الهجرة السياسية
وفي معرض إشارته إلى خطابه حول “الهجرة السياسية المنظمة ” الذي ألقاه في كوبنهاغن في مؤتمر السياسات الاوروبية في 2015 ، ذكر فارس المشاركين في المؤتمر الذي عقد في 2017 بأن “الموجة كانت تنمو حتى ضربت القارة وتسببت بمشاكل كثيرة واحداث مؤسفة ، والآن أوروبا لا تزال تواجه نفس الأنواع من الهجرات الجماعية المنظمة سياسيا. ونحن بحاجه إلى التمييز بين الهجرة الطبيعية من جانب الأسر والافراد لأسباب اقتصادية والموجات المنظمة سياسيا لصالح الشبكات المسلحة”. وقال فارس ان” الاستراتيجية الاساسية من قبل الغرب هي التصدي للازمة حيث يجب وقف هذه الأمواج من المهاجرين، كالقادمين من سوريا. ولذلك ينبغي ان تكون المناطق الامنه ذات اولوية قصوى في الوقت الراهن. ويمكن لهذه المناطق الامنة ان توقف امواج الهجرة لا بل قد تخلق هجرة عكسية من الناس الذين يريدون الذهاب إلى منازلهم ويحتاجون إلى المساعدة”. وتناول مسؤول في المجموعة أزمه الهجرة في منطقه البحر الأبيض المتوسط أيضا. وقال “نحن بحاجة إلى العمل مع ليبيا ومصر وتونس للسيطرة على ساحل شمال افريقيا من جهة ، ومع حكومات الساحل لمساعدتها للسيطرة علي حدودها. ثم نحن بحاجه إلى العمل مع العديد من البلدان الافريقية لضمان الاستقرار حتى لا يتم استغلال المهاجرين وتجنيدهم”.
Comments are closed.