عاد الحديث في الأوساط السياسية الأميركية مجددا لقضية “عزل الرئيس”، وهو إجراء يشرع فيه مجلس النواب إن ارتكب رأس السلطة التنفيذية جرائم “الخيانة أو الفساد أو جرائم أو جنحا كبرى أخرى”.
لماذا؟
رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي قالت إن المجلس سيحقق في ارتكاب الرئيس دونالد ترامب مخالفة للدستور الأميركي بطلب المساعدة من جهة أجنبية للإضرار بخصمه في الانتخابات جو بايدن. في إشارة مضمون مكالمة أجراها ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، طالبا منه إجراء تحقيق حول نشاط نجل جو بايدن المرشح الرئاسي.
الرئيس ترامب أكد أن قرار فتح التحقيق جزء من “حملة مطاردة نتنة تسيء للبلاد”، ورد على التحرك بقرار رفع السرية عن نص المكالمة الهاتفية التي نشرت الأربعاء.
تبدأ ست لجان في مجلس النواب أبرزها (القضائية والاستخباراتية والخدمات المالية والعلاقات الدولية) بالتحقيق وتقدم تقريرها.
وعلى مدار تاريخ الولايات المتحدة كانت لجنة الشؤون القضائية بمجلس النواب هي التي تقود تحقيقات المساءلة غير أن قيادات الحزب الديمقراطي يمكنها أيضا اختيار لجنة خاصة.
ويمكن أن يقدم أي نائب مشروع قرار “لاتهام” الرئيس يرسل كغيره من مشاريع القوانين إلى لجنة. لكن يمكن أن تبدأ الإجراءات بدون مشروع قانون كما يحدث حاليا.
مرحلتان
يقوم مجلس النواب أولا بالتحقيق والتصويت بأغلبية بسيطة محددة بـ218 صوتا من أصل 435 نائبا، على مواد الاتهام التي تتضمن بالتفصيل الوقائع التي يتهم بها الرئيس وهذا ما يسمى “الاتهام”.
في حال اتهام الرئيس، يقوم مجلس الشيوخ بالمحاكمة، حيث يؤدي أعضاء مجلس النواب دور الادعاء وأعضاء مجلس الشيوخ دور المحلفين ويرأس جلسات المحاكمة كبير القضاة في المحكمة العليا الأميركية.
في ختام النقاشات، يصوت أعضاء مجلس الشيوخ المئة على كل مادة في النص. وتتطلب إدانته أغلبية الثلثين وفي هذه الحالة تتم إقالته بشكل تلقائي ومن دون إمكانية الطعن في القرار ويتولى نائب الرئيس الرئاسة ويصبح الرئيس التالي للولايات المتحدة.
وإذا حدث العكس، تتم تبرئة الرئيس.
توزيع المقاعد الحزبية في الكونغرس
يضم مجلس النواب 235 نائبا ديمقراطيا و198 نائبا من الحزب الجمهوري وعضوين مستقلين.
ونتيجة لذلك يمكن للديمقراطيين في مجلس النواب أن يوجهوا الاتهام للرئيس من دون تأييد من الجمهوريين.
أما مجلس الشيوخ فيحتل الجمهوريون 53 مقعدا من مقاعده والديمقراطيون 45 مقعدا بالإضافة إلى عضوين مستقلين يصوتان في العادة مع الديمقراطيين.
وتتطلب إدانة الرئيس وعزله موافقة 67 عضوا من مجلس الشيوخ، ولذا فإن عزل ترامب من منصبه في حالة المساءلة يستلزم موافقة 20 عضوا جمهوريا بالإضافة إلى جميع الأعضاء الديمقراطيين والعضوين المستقلين.
من يصبح رئيسا إذا تم العزل؟
إذا حدث وخطا مجلس الشيوخ الخطوة غير بإدانة ترامب فإن مايك بنس نائب الرئيس سيصبح رئيسا في الفترة المتبقية من ولاية ترامب والتي تنتهي في 20 يناير كانون الثاني 2021.
ماذا يقول الدستور الأميركي؟
ينص الدستور على أن الكونغرس يستطيع إقالة الرئيس (أو نائب الرئيس أو قضاة فدراليين…) في حال “الخيانة أو الفساد أو جرائم أو جنح كبرى أخرى”.
وفحوى هذه العبارة غير واضح (جرائم أو جنح كبرى أخرى)، فمن الناحية التاريخية يمكن أن يشمل ذلك الفساد أو أشكالا أخرى من إساءة استغلال ثقة الشعب.
هل شهدت أميركا حالات عزل سابقة؟
ولم يحدث من قبل أن تم عزل رئيس أميركي من منصبه كنتيجة مباشرة للمساءلة، واتخذت إجراءات اتهام ضد رئيسين لكن تمت تبرئتهما في نهاية المطاف، هما الديموقراطيين أندرو جونسون في 1868 لخرقه القانون حين أقال وزير الحرب إدوين ستانتون، وبيل كلينتون بتهمة “الكذب تحت القسم” في 1998 في إطار قضية علاقته بالمتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي.
وفضل الجمهوري ريتشارد نيكسون في 1974 الاستقالة لتجنيب إقالته التي كانت مؤكدة بسبب فضيحة ووترغيت.
Comments are closed.